ذكرياتي مع المدريدية والبرشلوني..وقصة الميراندا والسفن آب

اعتبر نفسي من المحظوظين الذين أتيحت لهم فرصة السفر إلى الخارج  في سن مناسبة تسمح لي بفهم ما جرى ويجري من حولي من عادات وتقاليد وأساليب تفكير مختلفة عما اعتدنا عليه في مجتمعنا العربي ، وفي رحلة  إلى فرنسا عام ٢٠٠٧  اجتمعت بمجموعة اسبانية تدرس اللغة الفرنسية وكان من بين أفراد هذه المجموعة شاب من مدينة برشلونة وشابة من العاصمة مدريد، وبطبيعة الحال الشاب يشجع البرشا والشابة مع الريال للعظم كما يقال في اللغة الدارجة ، فهذا ليس فريقاً يشجعانه وحسب بل هو فريق المدينة التي ينتمي إليها الشابان ورمز من رموزها وبالتالي من الطبيعي أن يكون تعصبهما شديداً لكل منهما، وأذكر أنني فتحت لهما سيرة التنافس بين قطبي اسبانيا _ وكان الريال في ذلك العام قد سحب الدوري من بين أسنان برشلونة كما يعرف الجميع بعد دور دراماتيكي مما يعني أن المجال للأخذ والرد كان كبيراً جداً _ لكن الشابين لم يتجادلا أكثر دقيقتين وانتهى الموضوع عند هذا الحد وانتقلنا إلى موضوع آخر .
حضرتني هذه القصة وأنا أشاهد الكمية الهائلة من الشماتة بأي خسارة لكل من الريال أو برشلونة من جمهور الفريق المنافس الذي كان أولها خلال الكلاسيكو مروراً بخروج الفريقين من دور الأبطال حيث تبادلا الشماتة وللطرافة على مدى يومين متتالين ونهاية بخسارة الريال بكأس الملك وقصة ميراندا وسفن أب ( والمقصود هنا مدافع أتلتيكو  ميراندا الذي سجل في هدف الفوز في مرمى الريال والسباعية التي سجّلها بايرن ميونخ في مرمى البرشا) … هذه الشماتة التي تستمر لأيام عديدة بعد المباراة ويستمر الأخذ والرد لساعات وساعات بين جمهور الفريقين سواء على المواقع الإلكترونية أو المنتديات أو شبكات التواصل الاجتماعي وهنا اسأل نفسي …لماذا نكون ملكيين أكتر من الملك ونوظف كل إمكاناتنا في السخرية والجدال في سبيل فريقين لا يتجادل مشجعوهم الأصليون ربع الوقت الذي نقضيه نحن في ذلك ؟؟ ولماذا نأخذ الأمور بشكل شخصاني للغاية في حين أنهم لا يرون في القصة أكثر من رياضة وتسلية ومرح علماً أن أن الحالة في اسبانيا ليست خاصة، وما ينطبق على برشلونة والريال ينطبق أيضاً على البرازيل والأرجنتين حيث يتنافسون في الملعب والمدرجات بكل قوة لكنهم خارجه يمتلكون أقوى العلاقات ويتبادلون الزيارات والكثير من الأرجنتينين يتكلمون البرتغالية والعكس بالنسبة للبرازيلين.
كرة القدم هي مدعاة للفرح والسعادة والتسلية وحسب …ولا يجب أن تكون يوماً ما سبباً للمشاكل خاصة أننا نتحدث عن فرق لا تعنينا كعرب  سوى بحبنا لأسلوب لعبها وإعجابنا بنجومها، صحيح أن التنافس والجدل جزء من حلاوة التشجيع …لكن كل شيء إن زاد عن حده انقلب ضده.

0 commentaires :

Enregistrer un commentaire